FacebookTwitter
découvrir

مباركة رحموني ومليكة وأم خيرة وحبيبة كشوت وسعاد ومباركة بن فرحات وغيرهن... أسماء حائكات جزائريات صنعن تاريخ ومجد ورشة لوديف لحياكة السجاد الفاخر جنوب فرنسا. غادرن الجزائر إثر استقلالها في 1962 برفقة أزواجهن الحركى، وهم الجزائريون الذين اختاروا القتال إلى جانب الجيش الفرنسي ضد مواطنيهم خلال حرب التحرير (1954-1962).

عشرات الآلاف من الحركى وعائلاتهم فروا إلى فرنسا خوفا من انتقام حزب جبهة التحرير الوطني. استقل معظمهم بواخر شقت مياه المتوسط وسط حزن وخيبة، ورست في موانئ مرسيليا ونيس وتولون. عند وصولهم إلى فرنسا تم توزيعهم على مخيمات بجنوب البلاد، أبرزها "لرزاك" و"ريفزالت" و"بور سان موريس".

عاش الحركى وعائلاتهم في ظروف اجتماعية مزرية، فإضافة لشعورهم بغربة المنفى، عانوا الفقر والعنصرية والتهميش. فبينما تم تشغيل الرجال لدى المكتب الوطني للغابات ومكافحة الحرائق، بقيت النساء في المخيمات لأداء الواجبات المنزلية.

كان وضع النساء أسوأ من الرجال، فمعظمهن لا يتحدثن اللغة الفرنسية ولا يملكن أي خبرات مهنية، عدا بعضهن اللواتي كن يتقن فن الخياطة وحياكة السجاد. وللاستفادة من خبراتهن في صنع السجاد، تم فتح ورشة لهذا الغرض في بلدة لوديف الواقعة 60 كيلومترا شمالي غرب مدينة مونبلييه، ما أتاح لعشرين منهن الالتحاق بها في 1964.

كانت تلك بداية لقصة طويلة وعريقة لهذه الورشة التي تحولت إلى إشعاع ثقافي عابر للأجيال، بفضل هؤلاء الجزائريات اللواتي حاكتن أرقى وأعرق أنواع السجاد على مستوى العالم.

90 حائكة أهدين شبابهن لهذه الورشة التي أصبحت عنوانا لآلاف الزوار منذ 1964، ولم يتبق اليوم منهن سوى ثلاث، إضافة إلى حائك واحد. فكل من صنعن مجد هذه الورشة غادرن الحياة أو تقاعدن.

لكن بقيت الورشة لتروي قصة هؤلاء الفنانات الاستثنائيات.