FacebookTwitter
découvrir

لوديف بلدة صغيرة تقع على بعد حوالى 60 كيلومترا من مدينة مونبلييه الساحلية جنوب فرنسا. إضافة إلى مناظرها الطبيعية الخلابة، فهي تستمد شهرتها من الورشة العريقة التي تصنع سجادا فاخرا يزين قصور الجمهورية الفرنسية ومتاحف ووزارات وسفارات في الخارج.

تاريخ هذه المدينة ارتبط بقصة زوجات الحركى اللواتي كن وراء الشهرة التي اكتسبتها الورشة عبر العالم.

شخصيتان فرنسيتان هما وزيرا الداخلية روجيه فري والثقافة أندري مالرو في حكومة جورج بومبيدو، في عهد الجنرال شارل ديغول، لعبتا دورا محوريا في فتح ورشة لوديف في 1964. وكان الهدف منها توظيف زوجات الحركى اللواتي كن يملكن خبرة في صناعة السجاد بعدما كن يمارسن المهنة نفسها في الجزائر. هؤلاء الحائكات كن ينحدرن من مدن جزائرية عدة، تلمسان (غرب) والأغواط (جنوب شرق) ومشرية (جنوب غرب) وكان لديهن خبرة في حياكة السجاد على الطراز الأمازيغي.

شخص آخر لعب دورا هاما في فتح ورشة لوديف هو أكتاف فيتاليس. هذا الفرنسي من الأقدام السود، كان يسكن مع عائلته في تلمسان في ظل الاستعمار الفرنسي للجزائر وكان يملك ورشة لصناعة السجاد في هذه المدينة، فضلا عن أنه يتحدث اللغة العربية بطلاقة. وكذلك جون هوغون، وهو عسكري فرنسي سابق في الجزائر، ساهم أيضا في افتتاح ورشة لوديف حيث كان مكلفا بكل الأمور الإدارية والقانونية.

مسؤول الورشة أكتاف فيتاليس هو الذي ذهب إلى مخيم "سان موريس لاردواز" قرب مدينة نيم (جنوب فرنسا) بحثا عن حائكات جزائريات لتوظيفهن في الورشة. والتحقت حوالى 20 حائكة بالورشة بدون أجراء أي مسابقة. كل مناصب العمل آنذاك كانت مخصصة لزوجات الحركى، ما ساهم بالتحاق حائكات أخريات ووصل عددهن إلى 90 حائكة.

وتم صنع السجاد لأول مرة في 1970، في عهد فيتاليس الذي كان محبوبا من قبل الحائكات الجزائريات لأنه يتكلم اللغة العربية ويعرف تقاليدهن وطريقة عملهن.

كانت حياكة السجاد تعتمد على الطريقة التركية، وهي تقنية تعلمها الفرنسيون من الأتراك في عهد الملك الفرنسي هنري الرابع (1589/1610).

صورة نادرة لمسؤول الورشة أكتاف فيتاليس على أقصى اليمين المديرية الجهوية للأرشيف لمنطقة إيرو
حي المحطة ومباني "سوناكوترا" في 1970 برنار داريو
افتتاح حضانة في 1964 لاستقبال أطفال الحائكات برنار داريو
تم فتح الحضانة في 1991 لجميع سكان لوديف. كانت تستقبل حوالى 25 طفلا المديرية الجهوية للأرشيف لمنطقة إيرو
حائكة تستخدم مقصا منحنيا لقطع حلقات من الخيوط في مايو/أيار 1991 المديرية الجهوية للأرشيف لمنطقة إيرو
الحائكات يعملن بصورة دقيقة جدا لحياكة سجادة المديرية الجهوية للأرشيف لمنطقة إيرو

وفي 1966، تولت وزارة الثقافة الفرنسية رسميا ملكية ورشة لوديف لحياكة السجاد والتي تتبع أيضا للشركة الوطنية للأثاث أو ما يسمى "لي غوبلان" الواقعة في باريس والتي تصنع المستلزمات الداخلية والسجاد الفاخر لصالح مؤسسات الجمهورية الفرنسية.

في 1986، تم فرض مسابقات وطنية للتوظيف بورشة لوديف، ما جعل عدد بنات الحركى وزوجاتهم يتقلص بشكل كبير. وأصبحت مسابقة الدخول إلى لوديف صعبة وتتطلب مهارات متميزة في الرسم ومعرفة عميقة في تاريخ الفنون.

لم يتبق اليوم في الورشة سوى ثلاث حائكات.

في 1991، انتقلت ورشة لوديف من مقر مصنوع من الخشب بارد في الشتاء وحار في الصيف إلى مبنى جديد تتوفر فيه جميع شروط العمل، بما فيها حضانة لاستقبال أطفال الحائكات.

ولعبت الحضانة دورا اجتماعيا مهما حيث مكنت عائلات الحركى من نسج علاقات صداقة مع نساء فرنسيات أخريات.

عدد كبير من الحائكات غادرن الحياة وأخريات تقاعدن بدون أن يتمكن من تسليم المشعل لبناتهن.

لكن مهما كان مستقبل ورشة لوديف، سيبقى تاريخها مرتبطا بقصة نساء جزائريات شاركن على طريقتهن في إضاءة صورة فن فرنسي عريق عبر العالم.





من ورشة لوديف إلى الشركة الوطنية للأثاث (لي غوبلان)
حوار مع جان مارك سوفييه، مدير الورشة