الفن المعاصر في المغرب... "ثورة ناعمة"

تنطلق في فرنسا اعتبارا من شهر أكتوبر/تشرين الأول عدة تظاهرات حول المغرب، تعتبر من أكبر الفعاليات التي تخصص لبلاد أجنبية، تستضيفها العديد من الفضاءات على غرار متحف اللوفر بمعرض "المغرب في القرون الوسطى" وفضاء 104 للرقص ومعهد ثقافات الإسلام ومسرح مدينة باريس وغيرها.

ويحتل معهد العالم العربي طليعة التظاهرات بمعرض "المغرب المعاصر" حول الفنون التشكيلية المعاصرة الذي ينطلق في 15 أكتوبر، وتشمل أنشطة معهد العالم العربي قسما مهما حول الهندسة المعمارية بإشراف جعفر سجلماسي وطارق عولالو إضافة إلى الموضة والتصميم والصناعات التقليدية والرقص والموسيقى والسينما...

أكدت كاترين لولاس متحدثة باسم رئيس معهد العالم العربي جاك لانغ أن "الخريف الباريسي سيكون مغربيا" مشيدة بتظاهرة "استثنائية لبلاد استثنائية"، ويحظى المعرض بدعم من مؤسسات عديدة وشركات عامة وخاصة فرنسية ومغربية، من بينها "مؤسسة آليانس" Fondation Alliances و"بنك المغرب" و"الشركة العامة"...

مع اقتراب موعد افتتاح متحف محمد السادس للفنون الحديثة والمعاصرة في الرباط، ارتفعت بعض الأصوات وخصوصا النقابية ضد الاختيارات التي تقف وراء انتقاء الأعمال الفنية لتدشين هذا المتحف وكذلك لمعرض معهد العالم العربي متهمة المنظمين بممارسة الإقصاء ضد بعض الأسماء، وبالانحياز الفرنكوفوني. لكن أكد الجامعي المغربي مليم العروسي والفرنسي جان هوبار مارتين العضوان في اللجنة المنظمة -مع محمد متلسي- أن الاختيار يحترم المعايير الدولية و"لا يحمل في طياته أفكارا مسبقة ولا توجهات سياسية" وأنه لم يخضع لضغوط خارجية.

ودافعا بالمقابل عن رؤية واسعة وشروط متنوعة تسعى لإظهار حركية الفن المعاصر وثرائه. ويؤكد المنظمان اللذان يعملان منذ أكثر من سنة على إنجاح المشروع وجابا المغرب للاطلاع على ما يحدث في الساحة الفنية، أن المعرض الذي يشمل "أعمال 80 فنانا مغربيا هو حدث نادر" ويشير مارتين إلى حضور نسائي وشبابي قوي حيث أن "نحو 13 أو 14 من النساء المشاركات دون عمر الثلاثين". ويضم المعرض كلا من مبارك بوحشيشي ونادية بنسلام وإيريك فان هوف وفريد بلكاهية وماحي بينبين وتهامي النادر وخليل الغريب ومنير فاطمي ويونس رحمون وماكس بوفتال وعبد الكريم الوزاني وونور الدين أمير، إضافة على عرض رقص لبشرى ويزكان...

مقتطفات من تدريب فرقة راقصات المجموعة التي تديرها المغربية بشرى ويزكان

يأتي هذا الحدث في فترة مهمة سيكون لها وقع على تاريخ الفن المغربي. فإضافة إلى "التدشين الوشيك لمتحف الرباط الذي سيبسط تاريخ الحداثة في المغرب"، تشهد البلاد إنتاجا كبيرا وسط فتح العديد من قاعات العرض في السنوات الأخيرة (خصوصا في الدار البيضاء على غرار قاعة "ثقافات بين الواجهة" cultureinterface لنوال سلاوي وقاعة "لوفت آرت" loft art gallery للأختين مريم وياسمين برادة.

كما فتح بعض الأجانب قاعات عرض على غرار الإيطالي روكو صاحب "فويس غالوري" (voicegallery في مراكش) ومجلة مخصصة للفن المعاصر (ديبتيك diptyk ) وعدد من أصحاب المجموعات وفتح فضاء لاستقبال الفنانين (ونذكر "المقام" الذي يديره محمد مرابطي في تحانوت حيث اتخذ ماحي بينبين ورشة لعمله)... في كلمة واحدة وسوق صاعدة تلهب العالم وخصوصا الشرق الأوسط كما يتسنى ملاحظته خلال "معرض دبي للفن" حيث يتهافت الزوار على الأعمال المغربية. ومثلت وكالة "كريستيز" أعمال فنانين دخلوا حلقة الكبار على غرار محمد الباز ومنير الفاطمي ونجية محاجي. ويعتبر المشهد الفني في تفاوض دائم مع الحدود التي تفرضها السلطة وفي مقايضة مع مساحات الحرية.

مداخلة الصحافية في مجلة "ديبتيك" سهام فيغان حول الجيل الجديد للفنانين المغربيين

ورغم هذا الحراك الاستثنائي الذي يرافق مشهدا زاخرا بالإبداع ومرشحا للنمو، فإن شهادات عديدة تشير إلى تقصير خصوصا من جانب مؤسسات الدولة، البعض يرى أن معاهد الفنون الجميلة مهمشة وتنقصها المعدات وتغيب عنها برامج المنح والتدريب في الخارج على غرار مدرسة تطوان رغم المستوى العالي للطلبة، وأن النشاط الفني منحصر في المدن الكبرى وفي نخبة معينة.

مداخلة للكاتب والناقد ابراهيم أولحيان حول المشهد الأدبي في المغرب

وتبدو الهوة شاسعة بين الجمهور والأعمال الفنية، بسبب حاجز اللغة إذ تصدر العديد من المقالات النقدية بالفرنسية. إضافة إلى معتقدات سائدة لدى عامة الشعب بأن عالم الفن "ليس لهم" لكن شهدت الفترة الأخيرة بعض المبادرات بتنظيم زيارات مدرسية للمتاحف في محاولة لغرس حس ثقافي لدى الناشئة. كما أشارت الصحفية سهام فيغان إلى ضعف الوسائل المادية والتمويل مما يهدد مثلا مجلة "ديبتيك"، بما يعني السياق النقدي، بالاندثار ويهدد مواصلة تنظيم مهرجان "بيانالي مراكش" للفنون. ولعل قطاع النشر والكتاب هو الأفقر في البلاد من حيث الإنتاج والنشر والتوزيع.

المغرب بلد رائد في مجال الفن الحديث الذي تطور في أوروبا في القرن العشرين وانتشر عبر العالم ولقي ازدهارا وإبداعا مبتكرا بالمغرب في الستينات. اتفق منظمو "المغرب المعاصر" على عرض أعمال "الفنانين الذين لا يزالون على قيد الحياة" ولن يخلو المعرض من رواد "الحداثة" على غرار فريد بلكاهية وعبد الكبير ربيع (مع غياب قاسمي وشرقاوي) لوضع حجر مرجعي وتأطير السياق الجمالي ومحاولة تجسيد "القفزة نحو المعاصرة"، إذ يبقى الهدف الأساسي كما أكد مارتين هو عرض متنوع وواسع لما ينتج اليوم في المغرب.

يشمل المعرض أعمال فنانين مغربيين يعيشون في بلدهم وآخرون بالخارج سواء في أوروبا أو شمال أمريكا، إلى جانب أعمال لفنانين أجانب يقيمون في المغرب. ويخصص القسم الأكبر لفناني الأجيال الجديدة، أولئك الذين انتقلوا إلى استخدام وسائط وتقنيات حديثة في ظل "فن المفاهيم".

ولفت مليم العروسي مرارا إلى ضرورة انفتاح حلقة الإبداع على دول الجوار وعلى العالم وشدد على دور الإنترنت والتكنولوجيا في إضفاء أبعاد قصوى وإعطاء دفع كبير للأعمال الجديدة. وقال مهدي قطبي رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف المغربية، أن هذا المعرض يعكس ما تعرفه بلاده من تحول نحو الديمقراطية وأنه سينتصر لقيم التسامح والاعتدال.

مداخلة ياسمينة الزيات حول عملها الذي يتخذ القماش كمادة أساسية

يعد المعرض بأن يلقي نظرة شاملة على المشهد الإبداعي، خارجة عن المسالك المعهودة و"الرسمية"، فإلى جانب الأسماء الشهيرة يشارك فنانون غير معروفين من الجنوب والشرق ولا يقتصر على شمال البلاد حيث اقتحم أغلب الناشطين في هذا المجال سلك العرض والبيع داخل وخارج المغرب. فيجمع المعرض في نفس المكان مشاهير الفن في المغرب من الذين يتنازعهم مقتنيو الأعمال الفنية وأكبر متاحف العالم من جهة، وآخرين لم تسلط عليهم الأضواء بعد فيواصل بعضهم امتهان التدريس في قرى نائية وحتى... بيع اللحم في دكاكين أحيائهم.

ويحتفي المنظمون باستضافة فنانين "لهم أهمية كبرى" لكن تظهر أعمالهم لأول مرة في معرض بهذا الحجم، على غرار خليل الغريب الذي سبر العلاقة الشائكة بين الفن والمال، وهو لا يبيع أعماله ولا يوقعها، وتتمثل فلسفته المذهلة في التطرق لزوال الإنسان فيجمع أشياء صغيرة في الشارع، عادة ما تكون فضلات مصيرها مصيرنا.
كانت تغطية الإنتاج الإبداعي من كامل تراب المملكة من أهم شروط اختيار الفنانين الذين قدموا ملفات ترشيح للمشاركة في المعرض. ومن النقاط الأخرى المهمة هي أن المعرض بني انطلاقا من الأعمال الفنية نفسها في تسلسل سماه مارتين بالـ "الإخراج المسرحي" على الطريقة الألمانية، وليس على أساس "قائمة فنانين" كما يحصل أحيانا حسب شهرتهم العالمية.

الفنان التشكيلي المغربي الإمام دجيمي وضرورة الحفاظ على التراث

فحاول مليم العروسي وجان هوبار مارتين اختيار الفنانين الحاملين لشخصية وأسلوب مميز وطاقة ابتكار على مستوى الشكل والأفكار، أي يحملون رسالة حول الفن. لكن ورغم رواج أعمال الفنانين "المنظرين" في الغرب فلحسن الحظ يشمل أيضا "المغرب المعاصر" فنانين لا يتقنون التكلم عن أعمالهم لكنها أعمال ذات شحنة حسية عالية بحكم أنها وسيلتهم الوحيدة للتعبير. ولفت اهتمامنا أن أغلب الأعمال المختارة منغمسة في أعماق الواقع المحلي أو الدولي بمسائله الاجتماعية والسياسية. ونذكر لوحات لحسن عشيق حول الصراخ المكبوت داخل الإنسان المعاصر.

مقتطفات من فيديو لمبارك بوحشيشي حول تنظيف محار البحر وإيحاءاته

من المواضيع البارزة التي يتناولها فنانو المغرب بمواهبهم الشابة الواعدة، يبدو الجسد محورا أساسيا وهاجسا كبيرا يتجلى بكثرة في مختلف الأعمال، تارة عبر نظرة فكاهية على غرار فيديو لمبارك بوحشيشي حول بلح البحر وإيحاءاته الجنسية، وأخرى عبر زاوية روحية على غرار قوالب الثدي لمحمد مرابطي، وفي كل الحالات بـ "الاستفزاز الهادئ" أو "الرقيق" الذي يميز أعمال المغاربة في مساءلتهم للأخلاق والتقاليد السائدة والدين ووطأة الضغوط الاجتماعية على غرار فيديو لنادية بنسلام التي صورت تجوال امراة منقبة مرتدية فستانا قصيرا!

خلال التصوير وجهت لنا انتقادات كثيرة من المارة، رجالا ونساء على حد سواء“
نادية بنسلام

اهتم البعض بقضية العنصرية ضد السود في المغرب ومسألة المهاجرين من جنوب الصحراء نحو أوروبا على غرار فيديو crossings "معابر" لليلى علوي التي تعكس التصور الخيالي والمفترض للـ"ضفة الأخرى" في أذهان المهاجرين ولوحات "مصلوبو الوهم" لعبد الرزاق بنخليف حول "الحراقة" لغير الشرعيين في رحلة العبور المرعبة للمتوسط. في سياق متصل اهتم الفنانون بالحروب والتطرف والإرهاب في صف قضايا وأحداث غيرت مجرى الإنسانية على غرار المصور الفوتوغرافي تهامي النادر الذي كان متواجدا في نيويورك يوم 11 سبتمبر 2011، وعمل مصطفى بلقاضي حول "الكلاشنيكوف" وشخصية المتطرفين الذين يظهرون وسط العتمة بجوار سلاحهم منذ خطابات بن لادن من كهفه، إضافة إلى عمل عبد اللطيف يلكم الذي يصمم حشرات كبيرة مستعملا أسلحة مزيفة.

ونجح مصمم الأزياء نور الدين أمير رغم صغر سنه في فرض اسمه على الساحة الدولية وتعرض مجموعاته اليوم في متاحف عدة عبر العالم. ويعمل أمير في مجال الخياطة الرفيعة إضافة إلى تجارب في المسرح والسينما وخصوصا بمشاركته في تصميم ملابس أفلام الإيرانية شيرين نشأت، وتتميز أزياء أمير بخروجها عن نسق الموضة ومصادر إلهامها المتراوحة بين بساطة الخطوط اليابانية والرسوم البربرية المغربية، وإعادة صياغة الملابس التقليدية على غرار القفطان والحايك.

بعد أن جال تهامي النادر العالم عاد ليعيش في المغرب، ويصفه مقربوه "بالحيوان المطارد". ويصرح النادر "بعد أن صورت في البرونكس - وهو عبارة عن حي الطبقة الفقيرة في نيويورك- وفي أحياء الصفيح في ريو دي جانيرو، امتهنت الحذر. يجب فعلا أن تعرف ما معنى أن تكون عربيا في نيويورك في الحادي عشر من سبتمبر لتفهم غريزة البقاء. يجب أن نعرف كيف نبقى على قيد الحياة، لذلك عدت إلى الشارع المغربي المعطاء الذي علمني ذلك". ولا ينسى النادر البعد الحميمي فيقول "كانت أمي تخيط وتنسج الزرابي، وكنت أمسك لها الشمعة متتبعا حركة يديها عن قرب... هكذا تعلمت الإضاءة".

ومن القضايا الدولية التي يتطرق إليها البعض، تبقى القضية الفلسطينية محورا هاما من محاور المخيلة الجماعية الجدلية. فصمم محمد أرجدال باستلهام من كلمات محمود درويش "بلدي ليس حقيبة وأنا لست مسافر"، حقيبة في شكل فلسطين قبل إقامة إسرائيل عام 1948، ويقول أرجدال "أبحث كيف نسكن الفضاء وكيف نتقاسم الأراضي وكيف تغير هذه المعطيات في كل مرة علاقتنا بالآخر" ويضيف "آمل بأن تتحول بعض الحكايات اليومية الصغيرة إلى تعبير مجازي عما هو كوني وتساهم ببطء في إعادة رسم حدود الفضاء الثقافي والعقلي والاجتماعي". ومن الفنانين الممتهنين "للاستفزاز الناعم" تشدنا بحوث هشام بن أوحود الفوتوغرافية حول الواقع المغربي والمكان والرمز، يخرج فيها بروح عبثية شخصية الحمار في فضاءات داخلية بالدار البيضاء.

عدت إلى الشارع المغربي الذي علمني كيف أبقى على قيد الحياة“
تهامي النادر

المصور الفوتوغرافي المغربي تهامي النادر يتحدث عن تجربته الفنية

في تلاعبها بالحدود والرموز، كثيرا ما ينهل الفنانون المعاصرون من التراث المغربي بتقاليده وحرفه وحتى بشره... فتصل بهم التجربة إلى مواقف جمالية غير متوقعة. وتسعى بعض التجارب التشكيلية على غرار تجهيزات الإمام دجيمي إلى التوعية حول ضرورة الحفاظ على المواقع الأثرية والنقوش الصخرية البدائية، فيرى دجيمي أن "الفنان يجب أن ينزل من برجه العاجي ويتناول قضايا واقعية ونافعة للمواطن".

مقتطفات من العرض الموسيقي الراقص "فرحة الدكالة" لفرقة لحسن زينون

ولعل أقوى تعبير يتخذ من الإنسان سندا للإبداع ومركز تقاطع تعبره جدالات المخيلة الجماعية هو الرقص، فبشرى ويزكان تدير فرقة، ومادتها نساء مغربيات يرقصن على نداء "العيطة" الشعبية وكذلك على موسيقى باخ. وتقول ويزكان "هن مرجعي الوحيد وحريتهن هي التي تقود كتابتي الكوريغرافية". فتأتي النسوة بفرحهن ومآسيهن ولغتهن، وبثيابهن فيرقصن وينزعن ويلبسن ويغنين... كما هن: مثالا حيا على ما يدور في العالم عبر الجسد والمجتمع والذات الحميمية.

ولحسن زينون أدخل بدوره تحويرا هائلا على طقوس "العيطة" التي عادة ما ترافق الأعراس والولادات فخلط الرجال بالنساء في عرض "فرحة الدكالة" -وعاصمتها مدينة الجديدة- فالرجال كما يقول "يرقصون كالنساء، من أجل النساء، أحسن من النساء".

أما إيريك فان هوف فيعمل في ورشته بسيدي موسى قرب مراكش على تصميم محرك "مرسيديس v12" بعدما فشل في مرحلة أولى بتصميم محرك لسيارة "لاراكي" أول سيارة رياضية مغربية. ويعمل في الورشة العديد من الحرفيين المغربيين أصحاب الصناعات التقليدية وكل حسب اختصاصه، بالجلد، الخشب أو المعادن. وينحت أسماء الحرفيين على قاعدة المحرك، في تجربة إنسانية فريدة من نوعها يوّلد فيها الفن موارد بشرية ونظام قيم بديلة. فاختار فان هوف مثلا أن يستغل أموال بيع أحد القطع لمتحف في نيويورك في توفير عقود عمل للعمال. وحين نسأله عمّا إذا كان المحرك يشتغل يجيب "يشتغل كقصيدة".

عبد القادر حميروش - حرفي في ورشة الفنان التشكيلي إيريك فان هوف قرب مراكش

إلى جانب الفنانين الغائبين لعدم اختيارهم ضمن المشاركين، يغيب آخرون رغم أهميتهم القاطعة في المشهد المعاصر بالمغرب لرفضهم المشاركة، وأكد مارتين أن عددهم اثنان. وتتكثف تكهناتنا حول رفض فؤاد بلامين، فكيف يغيب فنان بهذا الحجم عن معرض كهذا؟ ربما أنه لا يريد أن يختلط بالشباب الذي دخل بقوة عالم المفاهيم والفيديو... أو لأنه لم يحظ بالاعتراف الكافي في معرض فردي كبير يستحقه.

طردني أبي من البيت عندما علم بأنني أرقص ورفض حاكم المنطقة إعطائي منحة قائلا "ألا تستحي، لم أعطها لطلبة الطب حتى أعطيها لراقص؟" أما أصعب سنوات عمري فكانت في عهد حسن الثاني الذي منعني من أي نشاط وقال المغرب بلاد فرسان وليس بلاد راقصين“

من جهة أخرى اعترف لنا مليم العروسي أنه عزف مثلا عن استضافة فرق موسيقية إلى معهد العالم العربي على غرار فرقة الراب "الباسلين" "لأنني لا أستطيع التحكم فيهم، ولأنني أفضل لهذا الشباب أن يبقى حرا"... فالـ"الباسلين يوجهون موجة غضبهم مباشرة ضد ملك، ويتوقع أن يزور الملك محمد السادس المعرض ويترقب الكل ردة فعله بشأن الأعمال الفنية التي لا تخلو أي منها من الجرأة مهما كانت نسبة نعومتها". وفي هذا التحدي الكبير الذي تمثله محاولة الإلمام بما يصعب تعريفه: "المعاصر" المتحول والقريب البعيد عنا نحن الذين نعيش لحظاته، يكتمل المعرض بغائبيه، وفي صورة المغرب المعاصر بتناقضاته واستفزازه الهادئ المائج.

بلغنا ونحن بصدد إعداد هذا الوثائقي وفاة الفنان الكبير فريد بلكاهية. نتقدم بأحر التعازي لزوجته التي استقبلتنا في بيتهما وأتاحت لنا فرصة التقاط الصور. نتمنى أن تجد في عملنا تكريما لذكرى زوجها.
سلوى النعيمي ومعهد العالم العربي Institut du Monde Arabe
مليم العروسي وجان هوبار مارتين
السيدة نوال سلاوي CulturesInterfaces
مؤسسة "آليانس" Fondation Alliances
روكو Voice Gallery
مريم وياسمين برادة Loft Art Gallery
محمد مرابطي وسهام فيغان ولحسن زينون ومحمد أمين القباج وماحي بينبين وحسن دارسي ومبارك بوحشيشي وعبد اللطيف يلكم وليلى علوي وعبد الرزاق بنيخلف ومصطفى بلقاضي ولحسن عشيق ونادية بنسلام وابراهيم أولحيان وبشرى ويزكان والإمام دجيمي وياسمينة الزيات والتهامي النادرونور الدين أمير وإيريك فان هوف وحرفييه