logo


شهادات الحركى

تلقيت عرضا من شركة "سونطراك" النفطية في عام 1975. حضرت جواز سفري الفرنسي واشتريت بطاقة سفر على أمل رؤية بلد أجدادي وطمعا بعقد عمل مع شركة كبيرة

إبراهيم سعدوني


القائمة الرئيسية


في مطار الجزائر، قدمت جواز سفري إلى الشرطي، لكنه طلب مني مرافقته إلى مكتب أحد مسؤولي المطار الذي طرح عليَّ عدة أسئلة: هل جئت من فرنسا؟ وإلى أي مكان أنت ذاهب؟ فأجبته " نعم جئت من فرنسا وأنا ذاهب إلى منطقة أريس في الشرق الجزائري". وبعد فترة وجيزة، دخل مسؤول آخر إلى المكتب وسألني: "لماذا تزعم أنك فرنسي وأنت مولود في الجزائر؟" أجبته: "لأنني أعيش في فرنسا وأعمل هناك، ولهذين السببين كان من المناسب أن أحمل جواز سفر فرنسي"، وأضاف: "هل أنت حركي خائن؟" أجبته: "نعم أنا حركي لكنني لست خائنا"

نعم أنا حركي لكنني لست خائنا


سألني: "كم قتلت من إخواننا؟" أجبته: "لم أقتل أحدا" أجاب: "كنت إذا تحمل عصا وليس بندقية، لقد خنت وطنك ودينك واخترت الذهاب مع الفرنسيين واليوم تريد العودة إلى الوطن الذي أنكرته"


شعرت بحزن عميق وأجبته: "أنا مستعد أن أقسم
على المصحف وأؤكد لكم أنني لم أقتل جزائريا واحدا، وأن والدي كان في صفوف المجاهدين. لكن الشرطي لم يستمع لي، بل أخذ جواز سفري وبصق عليه قائلا: "أنت لست مسلما وعليك العودة حالا إلى فرنسا"

بقيت في قاعة في المطار في انتظار طائرة العودة إلى باريس. كانت الحرارة قاتلة. طلبت كأسا من الماء، لكن الحارس رفض طلبي وقال لي حرفيا: "أنت حركي لا تستحق أن تشرب من مياه الجزائر الطاهرة، عد إلى مكانك"

وعند السادسة مساء، جاء مسؤول شرطة المطار وأمرني بالصعود إلى طائرة متجهة إلى باريس. وفي طريقنا إلى الطائرة، قال لي "لقد عدت إلى الجزائر لأنها تفتحت كالوردة"، فأجبته دون تفكير: "صحيح الورود تزهر لكنها تذبل في النهاية". كان جوابي قاسيا ولم يعجبه