شيباني

المنفى الأبدي للعمال المغاربيين

اضغط

شيباني، المنفى الأبدي للعمال المغاربيين
مقدمة
الشيباني، (وتعني أصحاب الشعر الأبيض في العربية الدارجة المغاربية)، المسنون القادمون من المغرب العربي، ويقدر عددهم بنحو 235 ألف شخص، غالبيتهم من الرجال الذين تجاوزت أعمارهم 65 عاما. تركوا الجزائر والمغرب وتونس وهم في مقتبل العمر، وجاءوا إلى فرنسا للبحث عن غد أفضل.
وصلوا في سنوات الازدهار التي اصطلح على تسميتها بـ"سنوات المجد الثلاثون" ، للمساهمة في إعادة إعمار فرنسا المتهدمة بعد الحرب العالمية الثانية. وقضوا جل حياتهم وهم يعملون، هم اليوم متقاعدون. هؤلاء "غير المرئيين" الذين "لا صوت لهم"، لم يعودوا يوما إلى بلدانهم الأصلية، بعضهم اختار البقاء طواعية والبعض الآخر بقي مجبرا.

الفصل الأول – فرنسا في عيونهم

"خارقة للعادة"، "رائعة"، "جميلة جدا"، "البرد"، "الوحشة"، "بيوت الصفيح"، كان الوصول إلى فرنسا صدمة، هؤلاء العمال الشباب، الذي كان قسم منهم لا يزال يافعا وعلى أبواب سن الرشد، سيكتشفون بلدا جديدا وثقافة مختلفة، ولغة أخرى. وما سيزيد من معاناتهم وجودهم وحيدين" دون أهل" و "دون عائلة"، والسبب في منفاهم هذا : العمل، يجب "إرسال النقود" إلى الأهل الذين بقوا في البلاد. في ذلك الزمن "كان أصحاب العمل يأتون إلى المقاهي للبحث عن العمال وتوظيفهم" كان "بإمكاننا تغيير صاحب العمل في اليوم الواحد أكثر من مرة". عملنا كل شيء: في أعمال البناء وفي الأشغال العامة وفي الصناعة والزراعة. هؤلاء الشباب في عز فتوتهم، كانوا مندفعين للاشتغال بأي عمل يجدونه ، أكان مصرحًا به أم لا، أعمال عضلية، حوادث عمل...حياتهم المهنية لم تكن لتعرف الراحة أبدا.



فيديو فرنسا

في خمسينيات القرن الماضي، كانت الحاجة إلى الأيدي العاملة كبيرة. وعلى الفور ظهرت للدولة الفرنسية مشكلة تسكين العمال المهاجرين، والذين كانت تريد لهم إقامة مؤقتة، كثير من مدن الصفيح رأت النور على أطراف المدن الكبرى. ومثال ذلك ضاحية نانتير العام 1953؛ فبين العامين 1950 و1970 بنت السلطات الفرنسية مساكن للعمال المهاجرين عبر الشركة الوطنية لبناء المساكن للعمال (سوناكوترال)، وتسمى اليوم (آدوما). وظهرت جمعيات أخرى مثل جمعية رون-آلب للسكن والاندماج (آراليس) في منطقة ليون لتقديم مساكن لائقة للعمال المهاجرين.
أغلب هذه المساكن تتكون من مهاجع للنوم أو غرف منفردة صغيرة جدا. المطابخ والحمامات كانت مشتركة. ولكن ما كان يجب أن يكون مساكن مؤقتة صارت "بيوتهم" الدائمة، بالرغم من أن هذه المساكن لا تتلاءم اليوم مع أعمارهم. بعضهم أمضى كل حياته فيها، فيما كان البعض الآخر محظوظا باستئجار شقة على أمل استقدام عائلته وأولاده الذين بقوا في البلاد.

ظروف السكن عبر السنوات

  • تم إسكان الواصلين الأوائل، فيما كان يسمى في ذلك الوقت، فنادق المحافظة- صورة: آراليس
  • تم إسكان الواصلين الأوائل، فيما كان يسمى في ذلك الوقت، فنادق المحافظة- صورة: آراليس
  • أمام تدفق الأيدي العاملة من شمال أفريقيا، كثير من بيوت الصفيح رأت النور- صورة: آراليس
  • -ثم سرعان ما انتشرت أحياء كاملة من الصفيح- صورة: آراليس- صورة: آراليس
  • ثم سرعان ما انتشرت أحياء كاملة من الصفيح- صورة: آراليس
  • بموازاة ذلك، كثير من المصانع المهجورة تحولت إلى مهاجع لاستقبال المزيد من العمال المهاجرين. - صورة: آراليس
  • كان لبعض المهاجرين غرفا فردية صغيرة، مساحتها بالكاد بضعة أمتار مربعة- صورة: آراليس
  • فيما كان البعض الآخر ينام في مهاجع كبيرة- صورة: آراليس
  • كل شيء مشترك، المطابخ والحمامات- صورة: آراليس
  • كثير من هذه المهاجع التي انتقلت من مساكن مؤقة إلى مساكن دائمة، مازالت قائمة إلى اليوم. كما هو حال مسكن –بريسانسي- في فيل أوربان، والذي يعد 243 غرفة مخصصة للرجال فقط-صورة-فرانس24
  • مع مرور الوقت، صارت سبل الراحة والتسهيلات أقل مناسبة لشيخوخة السكان-صورة-فرانس24
  • أمضى بعض العمال المهاجرين  40 عاما في نفس الغرفة. السكن مغلق لأعمال الصيانة من أول سبتمبر/أيلول 2014، أربعة مبان من مسكن بريسانسي ستعيد فتح أبوابها في 2018-صورة-فرانس24
  • يجري تحديث الكثير من المساكن لتلبية الاحتياجات الجديدة للشيباني ، لابل حتى هدمها. كما حدث مع عمارة بول كروجر في مدينة ليون عام 2010. صورة فانيسا روستانغ
  • أبنية جديدة قامت على أنقاض عمارة بول كروجر صورة-فرانس24
  • تم تصميم المنشآت لخدمة الشيباني بشكل أفضل ..غرف أكثر اتساعا، معدات للمستشفى، المرافقة اليومية. صورة-فرانس24


ديابوراما– ظروف السكن عبر السنوات محمد بن عزوز- مدير الاستثمار عند (آرليس)–مقابلة

"في ذلك الوقت، كان الجميع يعتقد بأن هؤلاء العمال سيعودون في نهاية المطاف إلى بلادهم، لذا لم يكن من الضروري التفكير بإدماجهم بالمناطق التي كانوا يعيشون فيها، وخلق علاقات مع ما هو مؤقت. ولهذا السبب كان يوجد في مراكز الإيواء القديمة، صالون حلاقة، وبقالة، وصالة للعب..

فيما كانت كل المؤشرات تؤكد بأن هؤلاء العمال المهاجرين لم تكن لديهم النية ولا المقومات للبقاء في فرنسا، نشأت علاقة منسوجة من التبعية الاقتصادية للبلد. فعندما يكون لديك إمكانيات تسمح بأن تعيل كل أفراد العائلة، لم يعد هناك من مبرر لوقف هذه الإعانة، حتى ولو كانت ظروف الحياة صعبة. وهذا ما جعل البعض منهم يشعر بأهميته، وبأنه صار مفيدا سواء بالنسبة له شخصيا، أم بالنسبة لعائلته. لم يكن لديهم الإحساس بأنهم يضحون بأنفسهم، بل أنهم كانوا مفيدين.
المسكن إذن صار مسكنهم وصار لهم.

أساسا ، مساكن (آراليس)، كانت تدار من قبل نساء الضباط أو مدراء من الشرطة، كانت لديهم وظيفة عسكرية: السرير في غاية الترتيب، قواعد صارمة ...في سنوات 1980، ظهر المنشطون الثقافيون والاجتماعيون، وأول ناد لكرة القدم ظهر عام 1975.

اليوم يفضل هؤلاء بلوغ الشيخوخة هنا لعدة أسباب:وجود النظام الصحي، وعادات الحياة اليومية..الخ. عندما يبلغ الرجل الكبر فهو بحاجة لعادات معينة: قهوة الصباح، الرفاق..ربع عدد الأشخاص الذين نستقبلهم اليوم هم في طور بلوغ الشيخوخة. يوجد عندنا 4 آلاف ساكن، 1000 منهم أعمارهم تجاوزت 60 عاما. العاملون الموظفون في هذه المساكن مأهلون لتنبيهنا على الأشخاص الذين تظهر عليهم إشارات فقدان استقلاليتهم والاعتماد على ذواتهم.

الغرف التي تبلغ مساحتها 4.50 م2 سيتم التخلص منها نهائيا من الآن وحتى نهاية عام 2014. من الآن فصاعدا هناك مساكن ملائمة للذين يودون البقاء في فرنسا. مضى الوقت الذي كانت توجد فيه الغرف المشتركة، والمهاجع التي كانت تتسع ل 40 شخصا. وصار عندنا اليوم غرفا فردية واستوديوهات، وأسعارها تتعلق بدخل الأشخاص، والمستأجرون يستطيعون الاستفادة من مساعدات السكن: الغرفة التي تبلغ مساحتها 4.50 م2 يبلغ أجرها من 30 إلى 180 يورو. والغرفة التي تبلغ مساحتها 10 أمتار يبلغ أجرها من 60 إلى 280 يورو. ويبلغ أجر الاستوديو من 98 إلى 380 يورو".



الفصل الثاني- عائلات مفككة

العمال المهاجرون وصلوا بمفردهم إلى فرنسا، هؤلاء الشباب واقتناعا منهم بأن وجودهم في فرنسا ليس إلا عابرا، أسسوا وبنوا عائلاتهم في بلادهم، من خلال زواج مدبر، لأنه في أغلب الحالات لم يكن هؤلاء قد تعرفوا، لا بل حتى شاهدوا زوجات المستقبل. "لقد اختارتها لي عائلتي" هذا ما سره لنا عمار " لقد جئت بها من الجزائر، لقد كانت صغيرة بالنسبة لي وكنت أنا عجوزا" هذا ما يقوله رباح. في السنوات الأولى، لم يكونوا يروا نساءهم إلا حين يعودون في إجازات إلى بلادهم. البعض منهم حالفه الحظ ونجح باستقدام زوجته وأولاده عن طريق لم شمل العائلة.* والبعض الآخر مايزال يعيش بعيدا عن عائلته، الوحدة تصبح ثقيلة جدا مع التقدم بالعمر

* المرسوم الصادر في 29 نيسان/أبريل عام 1967 يثبت الحق في لم شمل الأسرة، هذا المرسوم يحدد الشروط الواجب توافرها من أجل أن يستقدم عامل أجنبي يقيم إقامة شرعية في فرنسا أفراد عائلته، الحق بدخول الأراضي الفرنسية والحصول على بطاقة الإقامة لا يمكن رفضهما لهؤلاء إلا لأربعة أسباب: أن تكون إقامة رب العائلة على الأراضي الفرنسية قصيرة جدا. الدخل غير كاف. ظروف المسكن غير ملائمة. متطلبات النظام العام.

الفصل الثالث- "أسطورة" العودة إلى البلاد

التمتع بتقاعد مريح في البلاد قرب العائلة، هذا الحلم وهذه الرغبة ربما راودت بعضهم، ولكنه مستحيل بالنسبة لآخرين. فبالنسبة لهؤلاء الذين استطاعوا استقدام عائلاتهم إلى فرنسا، يصبح العيش هنا في فرنسا خيارا. ويصبح خيارا للآخرين الذين قرروا التخلي عن بلدانهم الأم لعدم وجود دخل كاف وعدم التمتع بصحة جيدة، أو بكل بساطة لعدم وجود رابط يربطهم ببلدهم الأم. وغالبا ما يجد هؤلاء أنفسهم في مساكن للعمال الأجانب غير ملائمة لعمرهم ولا لحالتهم الصحية. فيديو عودة (وحدة، صحة،علاقات مع البلد الخ.)



الفصل الرابع- أيام العزلة الماضية

ماذا تبقى لهم اليوم من حياتهم المليئة بالكد والعمل؟ حين ينالون تقاعدهم نرى آلافا منهم يواجهون الوحدة والعزلة. وفي بعض الأحيان يعيشون في مشقة شديدة. الكثير من هؤلاء الشيباني يتقاضون مساعدة التضامن المخصصة للمسنين. هذه المساعدة تضاف إلى معاشهم التقاعدي، ما يؤمن لهم معاشا يوازي الحد الأدنى لحياة المسنين أي 787.26 يورو شهريا لشخص يعيش وحيدا. مع العلم أن مساعدات التضامن مع المسنين ( كما هي حال أغلب المساعدات) لا تمنح إلا للذين لديهم "إقامة ثابتة ومنتظمة". أي يجب أن يقيم الشخص في فرنسا لمدة ستة أشهر على الأقل خلال كل عام (مرسوم 18 آذار/مارس من عام 2007). شرط يجهله ولايعلم بوجوده قسم كبير منهم.

نتيجة التفتيش على مكان الإقامة والمداخيل، وجد الآلاف من الشيباني أنفسهم محرومين من هذه المساعدات. لا بل طلب منهم إعادة كل الأموال التي منحت لهم كمساعدات. إنها مأساة بالنسبة لهؤلاء المهاجرين المسنين، والذي لايعرف قسم كبير منهم القراءة والكتابة.





فيديو التقاعد (زهرة وإسماعيل يشرحان التشريعات والأموال التي منحت دون استحقاق)
بقي الشيباني لوقت طويل في الظل، وغير مرئيين، واليوم أصبحوا يثيرون انتباه بعض السلطات، بعد ستة أشهر من التحقيقات، نشر تقرير برلماني في تموز/يوليو يحتوي على 82 اقتراحا لتحسين وضع المهاجرين المسنين.




إنفوغرافيك
استنادا إلى هذا التقرير البرلماني، وعدت السلطات التنفيذية بإيجاد حلول لمشاكل الذهاب والإياب إلى بلدانهم الأصلية. ونشر تعميم أيضا، من أجل تجنب تفتيش الناس وتوقيفهم بسبب لون بشرتهم ونزول الشرطة إلى المساكن لتفتيشها. هذه الممارسات التي أدانتها الجمعيات بشكل دوري. فيديو التقاعد ب(النواب يتحدثون عن التقرير+ فطوم والضمان الاجتماعي والحكومة





جمعية "لو أوليفييه دي ساج" و ك-كافي سوسيال(المقهى الاجتماعي) في ليون

أنشئت جمعية "لو أوليفييه دي ساج" عام 2008، وهي جمعية ترافق كبار السن،الذين يتجاوز عمرهم 55 عاما، في حياتهم اليومية، ويشكل قسم منهم الشيباني، بسبب هشاشة وضعهم الاجتماعي وحاجتهم للعاطفة وصعوبة وصولهم إلى حقوقهم...الجمعية تدعم بشكل جدي هؤلاء الناس المنسيين. ومن أجل كسر العزلة، أنشأت مديرة الجمعية، زهرة فرحات، أول مقهى اجتماعي (كافي سوسيال) في مدينة ليون عام 2009 تقول زهرة فرحات: "نحاول أن نعطيهم القليل من السعادة، وأن نجعلهم يكتشفون أشياء لم يعهدوها من قبل: الذهاب إلى المسرح، وإلى المطعم، ونحن نرافقهم أيضا في حياتهم الاجتماعية ومتابعة أوراقهم الإدارية. خاصة حين يأتون إلينا برسائل تطالبهم بدفع ديون أو مبالغ غير مستحقة. نحن نكتب لهؤلاء ونعلمهم بحسن نية العميل وبالعمل لإيجاد حل مناسب للمشكلة. لقد نجحنا بالتوقيع على شراكة مع صندوق تأمين المتقاعدين والصحة في العمل (كارزات) وهذه هي المرة الأولى. بفضل هذه الاتفاقية، سنعمل على الوقاية، والمبالغ غير المستحقة، والعمل على إيجاد أجوبة مناسبة لكل ملفات العملاء".


أوريليا فيربك، بسيكولوج مختصة بالعلاقة بين الثقافات




"الجمعية هي عائلتهم الثانية”

" جاء الكثيرون للعمل من أجل توفير حاجات أفراد الأسرة التي بقيت هناك، وما زالوا مستمرين بإرسال النقود لأهلهم كنوع من الولاء للأسرة، عليهم إيفاء حاجات الأسرة هناك، والاستمرار بصيانة فكرة أو أسطورة فكرة النجاح في فرنسا: لم نأت إلى هنا من أجل لا شيء، وابتعدنا عن عائلاتنا من أجل لا شيء. لقد جاءوا شبابا وعمرهم بين 17 و20 سنة، وفي عمر التقاعد أصبح عمرهم بين 70 و80 سنة. لقد عاشوا في فرنسا أكثر مما عاشوا في بلدانهم الأصلية. أعتقد أنه لم يعد بمقدورهم العودة للعيش هناك، لأن الفارق أصبح كبيرا. لقد تركوا بلادا لايعودون إليها إلا مرتين أو ثلاثة، وفي أحسن الحالات ستة أشهر في السنة. دون حسبان عامل كبر السن، وارتباط العمر المتقدم بالجسد، والصحة والعناية. حتى وإن كانت لديهم عائلات كبيرة في بلدانهم، إلا أن الإحساس بالعزلة والوحشة طاغ جدا هنا، ولهذه الأسباب يأتون إلى المقهى الاجتماعي (كافي سوسيال). الجمعية هي عائلتهم الثانية.



رئيسة، 24 سنة، منشطة


" لقد بدأت كمتطوعة لمدة ثلاث سنوات، أما اليوم فأنا منشطة، أقوم بإعداد مشاريع، سواء كانت زيارات، أو مسابقات، أو ألعاب، لقد أنجزنا " لا غازيت دو لو اوليفييه" "جريدة الزيتون" وهي صحيفة تلخص ماحدث خلال الشهر. نكتبها مع المستخدمين، والذين يعطوننا أفكارا، وبعدها أصيغها بشكلها النهائي. نعطيهم أكثر مما نأخذ منهم. ليس لدي أجداد في فرنسا، جدتي في أفريقيا. كل ما كان يمكن أن أتعلمه منها يعلمونني إياه هنا. حياتهم ومسيرتهم تعلمنا الكثير.يقدمون لنا النصائح، هناك علاقات وشيجة نشأت بيننا. إنهم يعطوننا الكثير جدا، إننا نعرف ماذا نقول ولمن نقول وبالأخص كيف نقول".



ديابوراما: جريدة "الو أوليفيه دي ساج"، توزيع الأغذية

  • توزع جمعية أوليفية دي ساج الطعام على المشتركين مرتين في الأسبوع –رسم الاشتراك 10 يورو- صورة-فرانس24
  • يدفع الشيباني والمشتركون الآخرون بما يعادل 2.5 يورو ، ويأخذون فواكه وخضار ولحوم وخبز أيضا. صورة-فرانس24
  • توزيع الطعام هذا صار ممكنا بفضل  الشراكة الموقعة مع محلات سمبلي ماركت في منطقة ليون. صورة-فرانس24
  • في كل يوم، تأتي شاحنات محملة بالمواد التي لم تباع، لكي يوزعونها للمستفيدين كل أربعاء وجمعة بين الساعة الثانية بعد الظهر والخامسة. صورة-فرانس24
  • هذه المساعدة الأسبوعية تشكل جزءا أساسيا من دورالجم عية. كما تؤكد مديرتها زهرة فرحات والتي ترك زعلى مكافحة إنعدام الأمن عند الأفراد المشتركين. صورة-فرانس24


الفصل الخامس: قصص مهاجرين أخرى

صابرينا، 60 سنة، فرنسية وجزائرية


"من الصعب أن تكون دون زوج وأولاد”

"وصلت إلى فرنسا في 1989 للعمل مع عائلتي. أتيت مع ابن عمي وزوجته وأولاده. لم يكن هناك [في الجزائر]، عمل. في البداية كنت أبكي طوال الوقت، لأنني لم أكن أعرف أحدا. لقد كان ذلك صعبا. لكن بعدها التقيت بأناس وأصدقاء، وصار الوضع أحسن، وهنا قلت لنفسي " إن فرنسا جميلة".

كنت متزوجة. أما اليوم فأنا مطلقة. وأعيش وحيدة. لقد تعرفت على زوجي في أحد المقاهي. في البداية لم أكن مغرمة به. ولكني قلت لنفسي ربما يكون شخصا جيدا. لم أتزوجه من أجل الحصول على الأوراق. فقد اعتقدت أنني سأبقى معه دائما. ولكن بعد خمس سنوات، لم يعد ذلك ممكنا. طلب مني الطلاق، لأنه تعرف على فتاة أخرى. حملت مرتين، ولكني أجهضت لأنني كنت خائفة. لقد كنت خائفة من عائلتي في الجزائر، خائفة من أمي لأنه كان فرنسيا. كنت خائفة من أن تقول لي أمي "إنها خطيئة أن تنجبي طفلا من فرنسي". لقد تزوجت دون أن أقول لهم بأنه لم يكن مسلما. كنت خائفة من أن أخسر عائلتي. لقد كان ذلك صعبا. مع الوقت، ندمت لأنني أجهضت، ولكن الندم لا ينفع الآن.

تعرفت على رجل آخر وبقيت معه نحو 8 سنوات. وبعدها تزوج الرجل وعاد إلى البلاد. وذلك بسبب أهله، لقد قالوا له "لا نأخذ امرأة مطلقة" كانوا يريدون امرأة عذراء، إنه لأمر صعب بالطبع، ولكن هذا حدث منذ وقت طويل، مايقرب من 15 عاما. لقد قلت لنفسي أنني لست محظوظة مع الرجال. سأبقى هكذا، وهذا كل ماهنالك. ليس لدي حظ. ما أن ألتقي برجل حتى أعرف أنه متزوج في البلاد. إنني أرفض أن أتقاسم الرجل.

إنه لأمر صعب أن لا يكون لديك زوج وأطفال.الناس يقولون إنه من غير اللائق أن تبقي وحيدة، ولكني كنت خائفة. لا أعلم لماذا. لقد قدموا لي رجالا. لقد كنت خائفة من أن يكون هدف هؤلاء هو الحصول على الأوراق وبعدها يتركونني. الحب، هو أن تكون مع شخص لطيف، ويعتني بك.

عملت حتى أستطيع أن أعيش، لكي أرسل النقود إلى أهلي في البلاد. ليس كثيرا ولكن كل شهرين أو ثلاثة نحو 200 يورو. طلبت الحصول على الجنسية الفرنسية. لأنني قلت لنفسي من الممكن أن أتابع حياتي هنا في فرنسا. وأن هذا سيسهل علي إيجاد عمل هنا. اليوم أحمل الجنسيتين. لقد اشتغلت لنحو 18 عاما. وتوقفت بسبب حادث في العمل. وأحصل على معاش العجز عن الشغل بانتظار التقاعد بعد عامين.

قلت لنفسي أنه ربما حين أحصل على التقاعد، سأعود إلى البلاد، وسأعود إلى هنا فقط من أجل الأدوية ورؤية الأطباء. لأنني مشتاقة للعائلة هناك. أحب البقاء هنا. لم أندم على قدومي هنا إلى فرنسا. إنني حرة. وافتخر بما قمت به. لقد اشتغلت، لدي شقتي. ولا ينقصني إلا العائلة.

لدي اليوم شقة كبيرة مع صالون، وغرفة وشرفة، أخرج، أذهب إلى المقهى الاجتماعي (الكافي سوسيال). لدي أصدقائي. أذهب إلى المسجد. هذه هي الحياة وهكذا تمضي. إنه القدر".

سارة،60 سنة، مغربية


"أرغب بالبقاء هنا”

"وصلت إلى فرنسا العام 1981. جئت بسبب أبي الذي كان من المحاربين القدامى. كان علي أن اهتم بأوراقه من أجل أن يستطيع التنقل والسفر. ولكن عندما أعطوه بطاقة إقامة مؤقتة صالحة لمدة عام في 1990، توفي المسكين.

لقد توقفت عن رحلات الذهاب والإياب للمغرب حالما حصلت على تصريح بالعمل. كانت لدي بطاقة إقامة مؤقتة، في عام 1990 وجدت عملا في مدينة نيس كعاملة في منزل، ثم في موناكو، استأجرت شقة، وعدت إلى البلاد في أعياد الميلاد وفي عيد الأضحى لمدة أسبوع أو أسبوعين.

في العام 2001، وبعد 24 سنة من الزواج طلقني زوجي. كان يعمل في المغرب في الشرطة، لدينا ولدان. غرق ابني في مسبح حين كان عمره 13 سنة. ولم يبق لي إلا ابنتي، وأنا الآن جدة لحفيدتين. هم يعيشون في المغرب ولكني أراهم على الإنترنت من وقت لآخر.

اليوم أذهب فقط إلى هناك لقضاء العطل. أنا لا أعمل الآن، أتلقى معونة، أعيش في سكن يتألف من غرفة فقط وفيها مغسلة وتلفزيون، وسرير و نافذتان. ما يسمح بدخول الشمس. تقدمت بطلب للحصول على سكن من بلدية ليون منذ 2006،لأني لا أستطيع الحصول على عقد إيجار. فالأجور مرتفعة جدا، وبجب دفع فاتورة الكهرباء والضرائب.

أرسل نقودا إلى ابنتي وأمي، ليس بشكل دائم، في الأعياد كعيد الأضحى، وعندما تكون أمي مريضة. فهي وحيدة مع أختي. ويجب علي حمل بعض الأشياء إلى الأطفال. إذا أرسلت لهم بعض الأشياء فيجب علي أن أضغط على نفسي وأتقشف هنا. هنا في السكن، توجد ثلاجة صغيرة، ما يجعلني أقوم بالمشتريات كل يوم أو يومين. لدي الكثير من الألبسة، أحب أن ألبس ثيابا جميلة. ولكني حزينة لأنني لاأملك مكانا كافيا يتسع للكثير من الألبسة.

حين تكونين متزوجة من رجل طيلة 24 عاما، وعندما يكون لديك أطفال منه، عندما تكونين شابة وربة منزل. وتعرفين شخصية زوجك ثم تطلقين، لم يعد لديك الثقة بأي شخص آخر. لا أندم على طلاقي منه. لو أنني مازلت أعيش معه لكنت قد انفجرت مثل البالون. أنا الآن حرة، أقوم بصلاتي، أقوم بخدمة الآخرين. حين أكون حزينة أذهب إلى النهر، حتى لو كنت وحيدة، أقرأ القرآن، وأرسم.

لدي الرغبة بالبقاء هنا. أشتاق ولكن وجود الإنترنت يجعلك تشعر وكأن الناس بقربك. أنا سعيدة. وأتمتع بصحة جيدة، حتى لو كانت لدي آلام في الظهر. أتمتع بنظر جيد، أمشي، أسمع، أنا سعيدة جدا".

باراجا، 79 سنة، فرنسي وجزائري


"لقد أفرغت 12 طنا وحدي”

" وصلت إلى غرونوبل في 1959. لقد جئت هكذا، لعند أخي، لقد عملت معه كموزع، لم تكن غرونوبل كبيرة كما هي عليه اليوم، ولكن كان يوجد بيوت من الصفيح في كل مكان كما في ليون.

في 1971، انضممت إلى الجمعية التعاونية الزراعية، وبقيت 18 عاما، وحملت أكياسا يزن كلا منها 50 كيلو غرام. لقد أفرغت لوحدي 12 طنا. وفي بعض الأحيان 18 طنا. لم تكن لدينا ساعات محددة للعمل. كنا نعمل هكذا وكان يدفع لنا بالشهر. وكانوا يدفعون لنا ثمن الوجبات والمقبلات. لقد كان شيئا جيدا، وكنا سعداء حقا.لم يكن هناك سواي، وتابعت عملي هكذا حتى عام 1996 حيث أحلت إلى التقاعد.

تزوجت في 1959 جئت بها من الجزائر، بقيت معي تسع سنوات. ثم عدنا إلى البلاد لقضاء العطلة ومن يومها لم تعد أبدا إلى هنا. أولادي. فتاة وثلاثة أولاد ذكور، بقوا على عاتقي. لقد كبروا هنا وتزوجوا. وأنا تزوجت من جديد بعد طلاقي. ثم أنني طلقت من جديد. لا تريد أن تأتي إلى فرنسا. إنها لا تحب فرنسا. لا أعلم .. اليوم أعيش وحيدا في شقتي.

تعودت على ذلك، الآن أحسن. أنا مريض، وأتناول دواء، الكثير من الأقراص: أنا قلق جدا، وأعاني من السكري، والكوليسترول.. منذ خمس سنوات لم أعد إلى الجزائر. أريد أن أذهب هذه السنة، ولكني لم أعد أحب ذلك. لم يعد لي أهل، ولا عائلة، ولا أي شيء. لقد مات الجميع، لم يبق لي إلا أختي. تأتي من وقت لآخر لزيارتي في ليون، تبقى شهرين أو ثلاثة ثم تذهب.

أعيش بشكل مقبول، أتقاضى راتبا جيدا، لا بأس.. ومن أجل تمضية الوقت، أذهب إلى المقهى الاجتماعي (الكافي سوسيال). نلعب الدومينو، نشرب القهوة. اليوم أنا في حالة جيدة".

إبراهيم، 71 سنة، جزائري


"لو كان لدي عصا سحرية لأتيت بأطفالي إلى هنا وفورا”

"وصلت إلى فرنسا في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 1963 للبحث عن عمل. حينها لم يكن هناك فرص للعمل في الجزائر. لم تكن لدي حرفة. أتيت وحيدا. مع بطاقة هوية، ليس إلا.

بقيت بلا عمل لمدة شهر أو شهرين وبعدها انطلقت. عملت في معامل ليون. كان الجو باردا حقا، ولكن عندما يكون عمرك 18 عاما تتحمله بسهولة. أمضيت ست سنوات قبل أن أعود للمرة الأولى إلى البلاد. حينها قضيت شهرا أو شهرين إجازة ثم عدت إلى فرنسا.

كنا سعداء فيما مضى، أما الآن فهناك الأزمة الاقتصادية، والعنصرية، شيء من كل شيء.

أنا اليوم متقاعد، متزوج ولكن عائلتي في البلاد، أتيت بزوجتي لبضعة أشهر ثم عادت، هذا أفضل، من أجل تربية الأولاد وحمايتهم من الانحراف. لدي خمسة أولاد وابنة، أراهم مرتين في السنة. لقد تعودت على ذلك.

في 1985 انتقلت إلى الجزائر، بالنسبة لي كانت عودة نهائية. ولكني في 2007 عدت من جديد إلى هنا. لم يعجبني ذلك، ليس هناك عمل، والعقلية مختلفة، ليس كما هنا، عدت وأعطوني بطاقة إقامة.

أعيش في مركز للإيواء، في غرفة بحجم الطاولة، هناك سرير، وطاولة صغيرة. هذا كل ما يوجد. إنها صغيرة جدا.. حاولت أن أجد شقة صغيرة من أجل أن أعيش تقاعدي. أرسل نقودا من وقت لآخر، نحن هنا من أجل ذلك، أنت تساعد عائلتك على العيش هناك. لو استطيع لاستأجرت شقة، لو كانت عندي عصا سحرية لأتيت بأولادي إلى هنا وفورا.

رفضوا منحي شهادة للإقامة من أجل زوجتي. من وقت لآخر أذهب إلى البلاد. وأمكث شهرين، أو ثلاثة أشهر بالكاد. ثم أعود إلى هنا"



أعلى الصفحة